Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
الصحراء المغربية
10 avril 2006

الحسن الثاني المظلوم

لك الله أيها الحسن الثاني، ها هي ألسنة الغيبة وأقلام النميمة تنهش ذكراك العطرة، وأنياب الغتب (الاغتياب) تمزق كفنك، وتمتد الى جثمانك 14182006122406pm1لتؤذيك في قبرك كما آذتك في قصرك، وها هم الغاضبون لا يرون في أيامك إلا أيام جمر ورصاص، ويحاكمونك ميتا حين تعذر عليهم أن يحاكموك حيا، وها هم أقرب الناس إليك من رجال دولتك يتفرجون عليك، وها هو الإعلام الذي أقمت صرحه، وحميت حريته، لا يرى مما بنيت سوى تازمامارت، وأكدز، ودرب مولاي الشريف، وها هو التاريخ، كما أرادوه، يستعد ليكتب صفحات سوداء سواد الصفحات التي كتبت عن بنوشي وفرانكو وسالازار وعيدي أمين داده…
أين البناء الدستوي الذي أقمت بنيانه بالدساتير المتلاحقة؟
وأين الحصون القانونية التي حصنت بها حياة المواطنين وأعراضهم وأموالهم ومنها قانون الحريات العامة، الذي عرفه المغرب بفضلك وفضل والدك رحمة الله عليه منذ 1958؟ وأين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي كنت تصادق على ملتمساته بدون أدنى مناقشة؟
وأين غيره من المجالس التي ركزت بها دولة الحق والقانون؟
وأين البناء الاقتصادي الذي سمح للمغرب أن يعيش مستورا بدون بترول؟
وأين السدود؟وأين المدارس العليا والجامعات؟
وأين المسيرة الخضراء واسترجاع الصحراء؟
وأين العمران المتسع الذي عرفته المدن؟
وأين الأدوار العظيمة التي قام بها المغرب بقيادتك وحكمتك على المستوى الدولي ومؤتمرات القمة العربية والإسلامية والإفريقية والتي كانmohammed_vi_36 المغاربة يرفعون بها رؤوسهم عاليا؟ أين كفاحك في تحرير الشعوب والبلدان الإفريقية؟ وأين جهادك في سبيل القضية الفلسطينية؟ أين عملك من أجل تحقيق التناوب، وشجاعتك وسماحتك التي جعلتك تسلم مقاليد الحكومة الى خصومك الذين عارضوك؟! كل ذلك نسيناه، ولم نعد نتحدث سوى عن العهد البائد، وسنوات الجمر والرصاص، حتى أصبحت صورتك مخيفة، وأصبح رجالك خزايا مثل رجال ابن عرفة! كنا نسمعك في حياتك لا تشتكي من شيء شكواك من نكران الجميل، فالآن لك أن تشتكي الى الله في قبرك. لن يسمعك أحد سواه.
أنا لا أدافع عنك، سيدافع عنك عملك، وكفاحك، وقضيتك، وآثارك، وهذه الصروح العظيمة من الأمجاد في كل مجال، وسينصفك التاريخ، وأيضا سينصفك المغاربة!
ألم تر الملايين من المغاربة الذين خرجوا في جنازتك، وبكوا حزنا عليك، وقرؤوا السلك القرآنية في البيوت والمساجد والزوايا ترحما عليك وتبادلوا التعازي فيما بينهم كأنك واحد من أعز أفراد أسرهم؟
إن هذا الشعب لا يعرف نكران الجميل، وما يزال وفيا لك ولأسرتك.
أما هذا الذي يسمونه إنصافا ومصالحة، أو حقيقة وإنصافا، فحسب ما يشاع، وليس كل ما يشاع صحيحا فإن أصله من الخارج، ويسمونه هناك بالعدالة الانتقالية، جاءت به توجيهات الى دول وبلدان كثيرة، وكل دولة تصرفت في الإخراج بحسب ظروفها، ومنها من أجاب بأنه طوى صفحة الماضي، ولا يريد الرجوع إليها. ونحن أردنا أن نتجاوز الجميع، ونطبق التعليمات بحذافيرها، لأنها صادفت هوى في النفوس الساخطة!
نذكر أن الصحف عندما نشرت رسالة منسوبة الى الفقيه البصري تشير الى ما زعموه تواطؤا بين القيادة الاشتراكية والجنرال محمد أوفقير، قامت الدنيا ولم تقعد، وتوقفت ثلاث صحف عن الصدور.
واليوم ها هي الصحف تنشر بعد موتك اعتزاز خصومك بالتآمر عليك، وافتخارهم بالتخطيط لقتلك في سريرك، وتنشر ما قاله إنياس دال عنك وعن رمز الوطنية والتحرير محمد الخامس رضوان الله عليه، وتتحدث عنك ممارسا للسحر والشعوذة. وتنشر صورتك بالبندير وتنشر صورتك وخدمك يحزمون خيوط حذائك، ليصوروك بصورة المستبد المستخف بوقار الملك، وليتحدثوا بعد ذلك عن جرائم القتل والتعذيب ونهب الأموال المنسوبة إليك، ولتأتي ندية ياسين في النهاية وتجد الجو مناسبا للحديث عن قرب سقوط الملكية، وهو حديث العرافات و(النفاثات في العقد). إننا نقدس الصحافة بوصفها صاحبة الجلالة في الفكر الديمقراطي، ونعتز بصحافتنا الوطنية وما وصلت إليه من مهنية، ونحن لا ندعو أبدا الى المس بحرية الصحافة ولكننا ندعو الى احترام شعور المغاربة، واحترام الدولة في شخص ملكها، لأننا إذا عبثنا بكل شيء فسوف لن نستطيع التحكم في العواقب.
أيها الملك المهيب، إننا نخشى أن تسقط هيبة الدولة بعدك، والهيبة هي الاحترام وليس الخوف، ولقد سمعت وشاهدت وزيرا مغربيا وهو يصرح للتلفزة بأن المخزن مات موتته الطبيعية، بفضل نضال الشعب المغربي!
ولا أدري لماذا يذهب ذاك الوزير الى دار المخزن إذا كان المخزن قد مات؟! وقرأت في الصحف كلاما للسرفاتي وهو يتمنى أن لا يموت حتى يرى الجمهورية في المغرب، ولم يهاجموه ولم يحاكموه!! في حين هاجموا ندية ياسين وربما سيحاكمونها ورأيت رسوما كاركاتيرية غريبة تدل فعلا على القصد الى بهدلة العرش المغربي، وشاهدنا وسمعنا في التلفزة المغربية محاكمة الحسن الثاني بالواضح لا بالمرموز! قد يقول قائل إنها مصالحة المغرب مع ذاته، وانتقال ديمقراطي نوعي، وإصلاح جذري في مجال الحريات العامة، وتفتح الملكية على محيطها.
ولكننا نرى أننا نصب ماء شديد السخونة في كأس شديد البرودة ونتجاهل النتائج. أنا لا ألوم أحدا ولا أتشفى في أحد، ولن أكون ملكيا أكثر من الملك ولن أدافع عن الحسن الثاني متقدما على من هم أجدر مني بالدفاع عنه، ولكنني أرى أنه يجب احترام شعور المغاربة، واحترام الدستور والقانون.
وكما أنه من الواجب رفع الظلم عن أي مواطن مظلوم، فإن الحسن الثاني أحق برفع الظلم عنه وإنصافه.
ومن باب الإنصاف، إذا تحدثنا عن قتل الناس وسجنهم وتعذيبهم في عهد الحسن الثاني أن نتحدث عن ما فعله أولئك الناس!
وإذا تحدثنا عن المعاناة التي تعرض لها الضباط المتورطون في المحاولتين الانقلابيتين المعروفتين بالصخيرات والطائرة، فيجب أن نتحدث عن ضحايا هاتين المحاولتين وما تعرضوا له من قتل وإهانة، وما تعانيه أسرهم الى الآن من مآس.
وإذا تحدثنا عن اعتقال المناضلين والرفاق، فيجب أن نتحدث عن محاولة قتل الملك في سريره، وعن تسريب السلاح من الجزائر لإشعال نار الثورة داخل المغرب.
وإذا تحدثنا عن معتقلات عهد الحسن الثاني، فيجب أن نتحدث عن معتقلات الحزب الحاكم منذ فجر الاستقلال…الخ.
كان الحسن الثاني رحمه الله يردد هذا البيت:
وقسا ليزدجروا ومن يك راحما
فليقس أحيانا على من يرحم
وفيه إشارة الى أن المسؤولية تدفع بالمسؤول أحيانا الى القسوة.
ونحن نردد الآن ذلك المثل العربي القديم:
لقد بلغ السيل الزبى وتجاوز الحزام الطبيين
فنرجو أن يتغلب العفو والصفح والسماحة ونغتنم فرصة العهد الجديد لنفتح صفحة جديدة لبناء مغرب الغد، مغرب الكرامة لجميع المواطنين والديمقراطية والعدالة والمساواة، والتصدي لآفات الفقر والجهل والأمية. وإنه لا يعقل أن أبناءنا يلقون بأنفسهم في البحر هربا من الفقر والبطالة فيموتون غرقا ونحن نبحث عمن عذب من ومن قتل من ونحرك الجمر والرصاص دون أن نقرأ حساب الفتنة التي إذا اشتعلت قضت على الأخضر واليابس. وصدق الله العظيم:
>واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة<
وأما ندية ياسين وأمثالها فنقول لهم ما قاله عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا

الدكتور عبدالكبير العلوي المدغري وزيرالأوقاف والشؤون الإسلامية سابق

Publicité
Commentaires
الصحراء المغربية
Publicité
الصحراء المغربية
Derniers commentaires
Publicité